أن يصرف اللفظ عن موجبه على الإطلاق، ومن ناحية أخرى فلعل امرأة أيوب كانت معذورة فيما أخطأت فيه حين حلف أيوب هذه اليمين. وقد ثبت أن المحدود إذا كان معذورا خفف عنه، بأن يجمع له مائة شمراخ فيضرب بها ضربة واحدة،؛ فقد روى أحمد وغيره هذا عن أبي أمامة بن سهل عن سعيد بن سعد بن عبادة فيما حكاه عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن هذا شرع من قبلنا فلا يكون حجة علينا إذا خالف شرعنا.
٢- ومن هذه الشبه ما أخرجه الشيخان عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خبر فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكل تمر خيبر هكذا"؟ ، فقال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا". والجمع: نوع من تمر خيبر رديء، والجنيب، نوع جيد.
فقالوا: إنه يستدل بالحديث على جواز بيع العينة وعلى سائر العقود التي ظاهرها البيع، وباطنها الربا.
وأحيب عن هذا: بأن التحيل على استباحة الربا لو كان مشروعا لم يكن في تحريم الربا حكمة إلا تضييع الزمان بلا فائدة؛ فإن كل إنسان يستطيع بهذا أن يستحل ما حرم الله من أنواع الربا بأدنى الحيل وأقربها، ففي ربا الفضل يمكنه في كل مال ربوي أن يقول: بعتك هذا المال بكذا، ويسمى ما شاء من الثمن، ثم يقول: اشتريت منك هذا "للذي هو من جنسه" بذلك الثمن الذي سماه، وفي ربا النسيئة يمكنه أن يقول: بعتك هذه السلعة بألف إلى سنة مثلا، ثم يقول: ابتعتها منك بخمسمائة حالة، وهكذا ينقض المحتال من أيسر الطرق ما أحكم الله عز وجل في كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينسب ذلك كله إلى شريعة الله {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم} ١.