فأعلمنا سبحانه أن لنا شرعة تخالف شرعتهم، ومنهاجاً يخالف منهاجهم.
وقال الشعبى وغيره: آية البقرة نزلت في قوم اقتتلوا، فقتل بينهم
جماعة كثيرة، وكانت إحدى الطائفتين تعاظمت على الأخرى، وأرادت أن
تقتل بالعبد منها الحر من الأخرى، وبالأنثى الرجل، فنزلت، ثم هي لمن
أراد مثل ما طلبوا، قال هؤلاء: فهي محكمة.
وليس هذا بصحيح، فإن الرجل يقتل بالمرأة عند عامة الفقهاء إلَّا ما ذكر عن عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وعطاء، وعكرمة إلَّا أن يريدوا قتل الرجل الحر بالأمة، فيكون قول الله عز وجل:(وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى)
أي الأنثى من الإماء ْبالأنثى منهن أي لا يقْتَلُ بالأمة الرجلُ الحر، وإنما يقتل بها أنثى مثلها، أو عبد مثلها، وفيه بعد؛ لأن قوله عز وجل:(وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) يقتضي ألا تقتل أنثى إلَّا بأنثى.
وقيل: إنهم أرادوا قتل امرأتين بامرأة، وقتل رجلين برجل، فعلى
هذا يصح معنى الآية.
وقال السدي، وغيره: اقتتل فريقان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ديات قتلاهم: ديات النساء بديات النساء، وديات الرجال بديات الرجال، قال هؤلاء: فهي في شيء بعينه.
وهي على هذا الحكم باقية لمن أتى بعدهم، وهي محكمة، وعلى هذا الذي ذكره يصح تأويل الآية، ومعناها أيضا.