وقالوا في قوله عز وجل:(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١)
أي خلِّي بيني وبينه، فإني أتولى إهلاكه مع القصة إلى آخرها: نسخ
ذلك بآية السيف، وكيف يعده بإهلاكه، وبأنه يتولى ذلك منه على ما
ذكروه، ثم ينسخه بآية السيف؟
* * *
[سورة القيامة]
لا نسخ فيها.
وقالوا في قوله عز وجل:(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) :
إنه منسوخ بقوله عز وجل:(سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) .
وهذا خلف من القول؛ لأن الله - عز وجل - لم يأمره بالنسيان، ثم
نهاه عنه، وأظنهم توهموا ذلك وأن (لا) في قوله: (فَلَا تَنْسَى) للنهي.
وما هي للنهي لا من جهة المعنى، ولا من جهة اللفظ..
أما اللفظ فغير مجزوم، وأمَّا المعنى فليس النسيان مما يقدر الإنسان على اجتنابه، فينهى عنه.
وهذا خبر أخبر الله - عز وجل - به نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقرئه، فلا ينسى، فما معنى النسخ؟
فإن قالوا: كان يعجل بالقرآن خوف النسيان، فقال الله عز وجل:
(سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى) قلت: فأين النسخ، والآيتان في معنى واحد؟
قال ابن عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلقي في التنزيل شدة، فكان يحرك شفتيه كراهة أن يتفلت منه، فأنزل الله عز وجل ذكره ((لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) .