وقوله عز وجل:(وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) .
قالوا: نسختا بآية السيف.
وقد قدمت القول في ذلك، وقد قال قوم في الآية الأولى: إنها نزلت
في قوم من اليهود سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - مسائل بمكة، وتكلموا بكلام منكر، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصبر عليهم، فهي مخصوصة في قوم بأعيانهم.
* * *
[سورة الذاريات]
ليس فيها منسوخ.
وقال الضحاك في قوله عز وجل:(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) .
هو منسوخ بآية الزكاة.
قال: وحسُن نسخه؛ لأنه خبر في معنى الأمر.
وقال الحسن، والنخعى: الآية محكمة، وفي المال حق غير
الزكاة.
قال مكى، وهو الذي يوجبه النظر، وبه قال أهل العلم: إنها في
غير الزكاة على الندب لفعل الخير، والتطوع بالصدقة، فهي ندب غير
منسوخة.
فأما قول الضحاك فليس بشيء؛ لأن الله عز وجل ما أوجب في
المال قبل الزكاة فرضاً آخر، فتنسخه الزكاة.
وقول الحسن، والنخعى: إن في المال حقاً غير الزكاة، فهذه
الآية ليست في ذلك، وإنما وصفهم الله عزَّ وجلَّ بما فعلوه من غير
إيجاب عليهم، ولا ندب لهم، وإنما فعلوا ذلك، ويفعلونه تسخياً.
ومروءة، سواء أكانوا ممن تجب عليهم الزكاة أم ممن لا يبلغ مالهم ذلك،