وقوله (إن الله عز وجل أخبرنا أن في الخمر إثماً، وأخبرنا أن الإثم
محرَّم، إلى قوله فهي محرمة بالنص الظاهر الذي لا إشكال فيه، كلام لا
وجه له؛ لأن الإثم هو الذنب وإذا كان الذنب كبيراً، أو كثيراً في ارتكاب
شيء لم يجز ارتكابه، فكيف يسمعون قول الله عزَّ وجلَّ: (قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) ، ثم يقدمون عليها مع
التصريح بالخسران؟
إذ كان الإثم أكبر من النفع، بل هذا كافٍ في التحريم.
وقوله: فأخبر أن في شرب الخمر إثماً، ونضق على أن الإثم محرئم ر
بقوله: (وَاْلإثْمَ وَالْبَنْيَ " لا حاصل له؛ لأنه إن أراد أن الخمر هي الإثم
فكيف يقول: فنص على أن الإثم محرم، وأخبر أن في شرب الخمر إثما
فكيف تكون هي الإثم المحرم على هذا؟
وإن أراد بالإثم الذنب لم يحتج إلى شيء آخر، وإنما معنى آية الأعراف إنما حرَّم ربي الفواحش وما فيه الإثم.
وكلامه كله فاسد إلى آخره.
وقوله: لعل من الله عز وجل واجبة ليس بصحيح، فقد قال عز
وجل: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤) .
وقد ألانا له القول: (فَكَذَّبَ وَعَصَى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) .
وإنما معنى قوله عز وجل: (لعلكم تفلحون) فاجتنبوه راجين الفلاح، أو فاجتنبوه، وانووا إرادة الفلاح.
وأما قول ابن جبير: كره الخمر قوم للإثم، وشربها قوم للمنفعة.
وأي منفعة تبقى مع أن الإثم أكبر منها؟
فكيف يقدم مقدم على الانتفاع