هو ناسخ لما كانوا عليه في الجاهلية، إذا توفي الرجل كان ابنه
أولى بامرأته، يمنعها من التزويج حتى تموت، فيرثها.
وقال ابن عباس: كان حميم الميت يلقي ثوبه على المرأة، فإن شاء
تزوجها بذلك، وإن شاء حبسها حتى تموت، فيرثها.
قال غيره: فنسخ ذلك بهذه الآية، وقد بئنا فيما تقدم أن هذا وشبهه
ليس بنسخ.
الحادي عشر: قوله عز وجل: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ)
قال قوم: هي منسوخة، والمعنى ولا ما قد سلف، فأنزلوا عنه، وقال قوم: محكمة، والمعنى إلا ما قد سلف، فقد عفوت عنه.
وأما من قال: هي منسوخة، والمعنى ولا ما قد سلف، فلا
يخلو أن يريد ولا ما قد سلف من نكاح حلائل الآباء، فأنزلوا عنه، فإن أراد
هذا فكيف تكون منسوخة؟
بل هي أولى بأن تكون محكمة، وإن أراد بقوله: ولا ما قد سلف من الأنكحة الفاسدة التي كانت في الجاهلية، فأقرَّهم الإسلام عليها إذا أسلموا، فاقتضت الآية نزولهم عن النساء، ثم نسخت، فليس كذلك، وليس في العربية (إِلَّا) بمعنى "ولا"، والآية محكمة، والاستثناء منقطع.
والمعنى: لكن ما قد سلف، فإنَّه مغفور.
وقيل: لكن ما قد سلف إنه كان فاحشة.
وقال الطبري: المعنى: ولا تنكحوا من النساء نكاح آبائكم (فما) بمعنى المصدر، والاستثناء منقطع كما سبق.