وليس كذلك، فإن آية النساء في قصة مخصوصة، لو
تابوا واستغفروا الله، واستغفر لهم الرسول لغُفِرَ لهم، وآية براءة في
المنافقين الذين استغفر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم مصرُّون على النفاق، ومعلوم أن المنافق والكافر إذا تاب، واستغفر غُفِر له.
الحادي والعشرون قوله عز وجل: (فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (٧١)
قالوا: هو منسوخ بقوله عز وجل: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً)
وما أحسب هؤلاء فهموا كلام الله عز وجل
أما قوله عز وجل: (خُذُوا حِذْرَكُمْ) فمعناه: احذروا عدوكم، ولا
تغفلوا عنه، فيتمكن منكم، وانفروا إليه ثبات أي: جماعات سرية بعد
أخرى، أو انفرٍ وا عسكراً واحداً.
وأما قوله عز وجل: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً. . .) الآية فاختلف فيه، فقيل: نزل في قوم بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمون الناس الإسلام، فرجعوا إليه - صلى الله عليه وسلم - لما نزل قوله عز
وجل: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ)
خشية أن يكونوا داخلينَ فيمن تخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله عز وجل: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً. . .)
وهذا قول مجاهد: فهلَّا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين إذا
رجع بعض المعلمين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبقي بعض، فإذا نفروا كلهم لم يبق من يعلّم، فإذا رجع الذين تعلموا من أهل البوادي إلى قومهم أخبروهم بما تعلموا لعلهم يحذرون مخالفه أمر الله تعالى، فليس هذا بناسخ لقوله عز وجل: (فَانْفِرُوْا ثُبَاتٍ أوِ انْفِرُوْا جَمِيعاً) ؛ لأن المعنى: إذا