قالوا: نسخ بآية السيف، وإنما المعنى: إنا أعطيناك المثاني.
والقرآن العظيم، فالذي أعطيناك أفضل من كل عطية، فلا تمدن عينيك
إِلى دنياهم، واستغن بما أعطيناك عما متعنا به صنوفاً منهم.
وقالوا في قوله عزَّ وجلَّ: (وَقُلْ إنيْ أنَا النذِيْرُ الْمُبِيْنُ)
نسخ معناه بآية السيف دون لفظه، وليس كما قالوا، وذلك
محكم لفظاً ومعنىً.
وقالوا في قوله عز وجل: (فَاصدع بِمَا تُومَرُ) .
هذه الآية نصفها محكم، ونصفها منسوخ، وهو قوله عزَّ وجلَّ:
(وَأعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِيْنَ) .
وهذا كأنه نوع من اللعب، وإنما المعنى بلغ ما أمرت
بتبليغه، واصدع به، ولا تخشى المشركين، فإنا قد كفيناك المستهزئين.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفي أمره مخافتهم، فأمره الله بإظهار أمره، وإظهار القرآن الذي يوحى إِليه، وقيل: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة مستخفياً حتى نزلت، فخرج هو وأصحابه.
وعن ابن عباس: المستهزئون: الوليد بن المغيرة، والعاص بن
وائل السهمى، وعدي بن قيس، والأسود بن عبد يغوث الزهري، وهو
ابن خال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو زمعة الأسود بن عبد المطلب، كانوا يستهزئون برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه جبريل عليه السلام إِذ
مروا به واحداً بعد واحد، فإذا مرَّ واحد منهم قال له جبريل: كيف تجد
هذا، فيقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: بئس عبد الله، فيقول جبريل عليه السلام كفيناك هو، فهلكوا في ليلة واحدة، أما الوليد فتعلق بردائه سهم فقعد ليخلصه