فال ابن عباس: المعنى: قل لقريش: لا أسالكم على ما جئتكم
به أجراً إلا أن تتوددوا إلى الله عز وجل، وتتقربوا إليه بالعمل الصالح.
وكذلك قال الحسن: إلَّا التقرب إلى الله عز وجل، والتودد إليه بالعمل
الصالح.
وقالوا في قوله عز وجل: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)
إنه منسوخ بآية السيف، وليس كذلك.
قال النخعي: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم، فيجترئ عليهم
الفساق، وهذا تأويل حسن به يظهر معنى الآية؛ لأن من كان بهذه
المثابة استحق أن يثنى عليه، فلذلك أثنى الله عزَّ وجلَّ عليهم.
وقال السدي: هو كل باغ أباح الله عز وجل الانتصَار منه.
وقالوا في قوله عزَّ وجلَّ: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)
نسخ بقوله عز وجل: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)
وهذا غير صحيح؛ لأن الله عز وجل حدَّ لمن جازى من أساء ألا يتجاوز
المماثلة، ولم يحتم عليه أن يجازي المسيء، ولا أوجب ذلك عليه، ثم
ندب إلى العفو بقوله سبحانه: (فأجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) فأي نسخ في هذا؟
وكذلك قالوا في قوله عز وجل: (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ) . الآية.
قالوا: هاتان الآيتان منسوختان بقوله عز وجل:
(ولَمَنْ صَبَرَ وغَفَرَ إن ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ)
والقول فيها كالقول في التي قبلها.