وقال (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢)
في نظائر لذلك من الآي المنزلة بالغلظة، والشدة عليهم.
قلت: هذا القول في تفسير الخبر بعيد؛ لأنه إن كان معنى التفخيم الشدة فقد نزل بالرحمة والرأفة.
قال الله عزّ وجلّ: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)
وقال عزّ وجلّ: (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ)
وقال تعالى: (فَأعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيْغاً) .
وإنما يقال: منطق فخم إذا كان جزل الألفاظ.
قال أبو عمرو: والوجه الثاني أن يكون معنى: نزل بالتفخيم: أي
بالتعظيم، والتبجيل، أي عظموه وبجلوه.
فحضَّ بذلك على تعظيم القرآن وتبجيله، قال: وهذان الوجهان أظهر من الوجه الذي ذكره في هذا الخبر، وأولى أن يحمل معناه عليهما على أن بعض المتقدمين قد فسَّر معنى التفخيم في الخبر نفسه بأنه تحريك أوساط الكلم بالضم والكسر في المواضع المختلف فيها دون إسكانها؛ لأنه أشبع لها
وأفخم قال: وكذا جاء مفسَّرا عن ابن عباس، رضي الله عنه، قال:
حدثنا ابن خاقان المقري، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا على بن
عبد العزيز، حدثنا القاسم، قال: سمعت الكسائي يخبر عن سليمان.
عن الزهري، قال: قال ابن عباس: نزل القرآن بالتثقيل والتفخيم نحو
قوله: "الجمعة" وأشباه ذلك من التثقيل وهذا من رواية أبي عبيد في
كتابه.