الإجارة عند العرب عهد لا يمكن الفكاك منه، وهو وعد يعطيه العربي لضعيف يلجأ إليه، ويلتزم بإنفاذه له، وكان الضعفاء أو المحتاجون يلجئون إلى مَن لديه قوة للحماية والنصرة فيجيرهم، ويعلن ذلك للناس، وبعدها تلتزم قبيلته معه في إنفاد ما وعد به مهما كلفهم ذلك، وبخاصة إذا كان من المقدمين فيهم.
وقد تقع الحرب بين القبائل بسبب هذه الحماية، وكثيرا ما وقعت.
وحروب العرب هي أيامهم التي كانوا يتواعدون عليها، وكثيرا ما جعلوها قريبة من البيت مع أوقات أسواقهم وتجاراتهم.
ومن أشهر أيام العرب التي وقعت بسبب الإجارة حرب الفجار -بكسر الفاء وفتح الجيم الممدود- التي هاجت بين العرب، واستمرت خمسة أعوام، واشترك فيها محمد صلى الله عليه وسلم وعمره خمسة عشر عاما.
وسبب وقوعها أن النعمان بن المنذر أتى مكة بإبل تحمل الحرير والعطر، ويسميها العرب "لطيمة"، أتى بها لبيعها في سوق عكاظ، فلما نزلت عند بئر "أوارة" أراد البراض بن قيس -وكان صعلوكا خليعا- أن يستولي على اللطيمة لضعف صاحبها المنذري، وبعد قومه من مكة، فاستجار النعمان بـ"عروة الرحال بن ربيعة" ليقوي ضعفه، ويصد عنه عدوان كنانة، فأجار عروة اللطيمة، وأصبح العدوان عليها عدوانا على عروة وقبيلته.
فجاء البراض بن قيس أحد بن ضمرة يعاتب عروة، ويقول له: أتجير اللطيمة على كنانة؟!!
فقال عروة: نعم، وأجيرهم على الخلق كلهم.
وأدت هذه المواجهة الساخنة بني الرجلين إلى أن خرج عروة الرحال في سفره فتبعه البراض بن قيس، يطلب غفلته لينال منه، حتى إذا وصلا إلى "تيمن ذي