عنه من اليهودي، ومن ابن عمها ورقة، تمنته زوجا، وسعت في ذلك بحكمة وهدوء، وعملت على اختبار التعامل معه، والتأكد من المزايا التي تصورتها فيه، وهيأ لها القدر ما أرادت حين أتاها أبو طالب يطلب منها أن يتاجر لها في مالها، وقد رحبت بهذا الطلب ترحيبا كبيرا، وقالت لعبد المطلب: لقد سألته لقريب حبيب.
وتاجر محمد صلى الله عليه وسلم في مال خديجة وهو في قوة الشباب، ورشد الرجولة، إلا أنه لم يفكر في الزواج بعد بصورة مطلقة لما هو فيه من فقر وعيلة.. إنه يعمل ليسد رمقه، ويعين عمه، وما لمثله أن يفكر في الزواج.
وإذا فكر في الزواج كشأن الشباب، فلن يفكر في الزواج من خديجة؛ لما بينهما من فروق، ولأنها رفضت الزواج من كبار القوم وأغنيائهم..
إن فارق السن بينهما خمسة عشر عاما، فهي في الأربعين وهو في الخامسة والعشرين، ولها أولادها من زوجيها السابقين.
والفارق المالي كبير، فهي أغنى أغنياء مكة، ومحمد يعمل بالأجرة ليعيش.
وشخصيتها وتجارتها وحياتها العملية وسيرتها الشريفة جعلها في مصاف كبار مكة وعظمائها.
إن عديدا من عظماء مكة حاولوا الزواج منها فرفضتهم جميعا، وليس لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يفكر في زواجها، والكل يعلم موقفها من الزواج!!..
لهذا لم يفكر النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج منها.. وما درى أن القدر يخبئ له ما قدره الله تعالى.
وعزمت خديجة على أن تتزوج محمدا صلى الله عليه وسلم مع صغره وفقره؛ لتنال معه الشرف العظيم، وتفضل به سائر الناس، فاحتالت لذلك بأكثر من طريق، وكان الذي سفر بينها وبين محمد صلى الله عليه وسلم نفيسة بنت منية، وهي ابنة أمية بن عبيدة الحنظلي، كما سفر بينهما ميسرة، وأختها، ومولاة مولدة، وإحدي الكاهنات في قريش١.