للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخرة سنة أربع وستين، وبعد هدمها تماما بناها على قواعد إبراهيم عليه السلام، وأدخل فيها ما أخرجه منها قريش في الحجر، وزاد في ارتفاعها على بناء قريش نظير ما زادته قريش في ارتفاعها على بناء الخليل عليه السلام وذلك تسعة أذرع، فصار ارتفاعها سبعة وعشرين ذراعا، وهي سبعة وعشرون مدماكا، وجعل لها بابين لاصقين بالأرض، أحدهما بابها الموجود اليوم، والآخر المقابل له المسدود حاليا، واعتمد في ذلك وفي إدخاله في الكعبة ما أخرجته قريش منها في الحجر على ما أخبرته به خالته عائشة رضي الله عنها.

وجعل فيها ثلاث دعائم في صف واحد، وجعل لها درجا في ركنها الشامي يصعد منها إلى سطحها، وجعل فيها ميزابا يصب في الحجر، وجعل فيها روازن للضوء١.

فلما قتل ابن الزبير، وكانت ولاية عبد الملك بن مروان أمر بإعادة البيت إلى ما كان عليه في بناء قريش؛ ظنا أن ابن الزبير أخطأ في اجتهاده، أو شك في الأحاديث التي اعتمد عليها ابن الزبير؛ ولذلك قام الحجاج بأمر من الخليفة عبد الملك بإخراج الحجر من الكعبة، وإلغاء الباب الغربي، وأبقى على ما عدا ذلك من بناء ابن الزبير، ولما أتم الحجاج ما أمر به عبد الملك وفد على بعد الملك الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، فقال له عبد الملك: ما أظن أبا خبيب -يعني ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها في أمر الكعبة.

فقال الحارث: أنا سمعته من عائشة.

قال عبد الملك: سمعتها تقول ماذا؟

قال الحارث: سمعتها تقول: وذكر الأحاديث.

قال عبد الملك بن مروان: أنت سمعتها تقول هذا، قال: نعم يا أمير المؤمنين، أنا


١ المرجع السابق ج١ ص١٨٦.

<<  <   >  >>