الْأَقْصَى} حيث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أُسري به من بيت أم هانئ، ويراد بها في موضع آخر الحرم كله، وهو قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} .
فالمسجد الحرام غير الكعبة المشرفة؛ ولذلك يقول القائل: خرجت من المسجد الحرام، واعتكفت به، وهكذا ...
ولذلك كان الحديث عن بناء الكعبة خاصا بها، أما المسجد فلم يقع له بناء وظل عبارة عن فسحة واسعة محيطة بالكعبة، وكان حول الكعبة خلاء كبير؛ لأن القبائل كانوا يسكنون في شعاب مكة الموجودة بين الجبل، حيث عرف كل شعب بمن كان يسكنه، واستمر الأمر على ذلك حتى استولى قصي على مكة، وأمر قومه أن يبنوا لأنفسهم حول الكعبة، وقال لهم: إن سكنتم حول الكعبة هابكم الناس، وخافوا من قتالكم، والهجوم عليكم، وبدأ هو أولا بالبناء فاتبعوه.
وكانت أبواب البيوت مفتوحة تجاه الكعبة، ومحيطة بها، ولم يتركوا للطائفين إلا مساحة ضيقة بمقدار مطافهم، حتى عد مكان الطواف مدخل البيوت.
وتقديرا للكعبة جعلوا بين كل دارين طريقا إليها، واشترطوا ألا يعلو بناء ما عن الكعبة حتى تُرى من جميع نواحيها.
واستمر حال المسجد على ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزمن أبي بكر رضي الله عنه، فلما ولي الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى أن الناس قد ضيقوا على المسجد، وألصقوا دورهم به، مع أنه صار مقصدا للناس، يشد المسلمون إليه الرحال من كل مكان..
لما رأى ذلك عمر رضي الله عنه قال لأهل مكة: إن الكعبة بيت الله، ولا بد للبيت من فناء، وإنكم دخلتم عليها، ولم تدخل عليكم، فاشترى تلك الدور من أهلها،