للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ١، ودلالة الآية صريحة في أن أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، يعرفون محمدا ورسالته معرفة تفصيلية، ومع ذلك فقد جحد فريق منهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكتم ما يعرفه، وأنكر ما هو صحيح لديه.

جاء في تفسير الطبري أن أحبار اليهود وعلماء النصارى كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل

، فأخبر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته بكتمانهم ذلك عن علم ومعرفة، وليس لهم ذلك٢.

وإنما شبه معرفتهم له صلى الله عليه وسلم بمعرفتهم بأبنائهم، ولم يشبهه بمعرفتهم بأنفسهم؛ لأن الوالد يعرف ابنه في كل وقت وفي كل حال، وقد يغفل عن نفسه أحيانا، وأيضا فإن المعرفة الكاملة للنفس أمر مستحيل بينما المعرفة للولد تكون أكمل. قيل لعبد الله بن سلام: أتعرف محمدا كما تعرف ابنك؟ قال: نعم وأكثر، بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه، بنعته، فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه٣!!

ويقول الله تعالى: {الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} ٤، فهو صلى الله عليه وسلم موجود في التوراة والإنجيل بوصفه ورسالته.

يروي البخاري بسنده أن عطاء بن يسار لقي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وقال له: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة.


١ سورة البقرة آية ١٤٦.
٢ تفسير الطبري ج٣ ص١٤٦، ط. دار المعارف.
٣ تفسير القرطبي ج٢ ص١٦٣، ط. دار الكتب.
٤ سورة الأعراف آية ١٥٧.

<<  <   >  >>