للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسنة، فنزلت على عثكلان بن عواكن الحميري، وكان شيخا كبيرا، وكنت لا أزال إذا قدمت اليمن أنزل عليه، فيسألني عن مكة، وعن الكعبة وزمزم ويقول: هل ظهر فيكم رجل له ذكر؟ هل خالف أحد منكم عليكم في دينكم؟ فأقول: لا، حتى قدمت المرة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيته قد ضعف، وثقل سمعه، فنزلت عليه، فاجتمع عليه ولده، وولد ولده، فأخبروه بمكاني وأتوني له، وقد شدت عصابة على عينيه، وأسند فقعد، فقال لي: انتسب يا أخا قريش.

فقلت: أنا عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عدي بن الحارث بن زهرة.

قال: حسبك يا أخا زهرة، ألا أبشرك ببشارة هي خير لك من التجارة؟

قلت: بلى.

قال: أنبئك بالمعجبة، وأبشرك بالمرعبة، إن الله تعالى بعث في الشهر الأول من قومك نبيا، ارتضاه صفيا، وأنزل عليه كتابا، وجعل له ثوابا، ينهى عن الأصنام، ويدعو إلى الإسلام، يأمر بالحق ويفعله، وينهى عن الباطل ويبطله.

فقلت له: ممن هو؟

قال: لا من الأزد ولا ثمالة، ولا من سرو ولا تبالة، هو من بني هاشم، وأنتم أخواله يا عبد الرحمن، أحسن الوقعة، وعجل الرجعة، ثم امض وآزره، وصدقه١.

- ويقول عروة بن مسعود الثقفي: بلغت نجران وكان أسقفها صديقا لي، فلما رآني، قال لي: يا أبا يعفور، هذا حين خروج نبي من أهل حرمكم، يهدي إلى الحق، وحق المسيح إنه لخير الأنبياء وآخرهم، فإن ظهر فكن أول مَن يؤمن به٢.

- ويُروى أن أبا ثور عمرو بن معدي كرب رضي الله عنه قال: فزعنا إلى كاهن


١ سبل الهدى ج٢ ص٢٥٨.
٢ سبل الهدى ج٢ ص٢٥٩.

<<  <   >  >>