للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت قد نسجتها بيدها، وكان صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، ومع ذلك طواها وأرسل بها إليه، فقال له الصحابة: ما أحسنت، سألتها إياه، وقد علمت أنه لا يرد سائلا١.

وهذا الجود والكرم منه صلى الله عليه وسلم كان سببا في دخول أقوام في دين الله، ومن ذلك قصته مع الرجل الذي جاءه يسأله، فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم، أسلموا، فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر٢.

ولهذا قال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها!! ٣

بل لقد كان هذا الجود منه صلى الله عليه وسلم مثار عجب، وسبب مودة، حتى لأعدائه، يقول صفوان بن أمية بعد أن أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم مائة من النعم، ثم مائة من غنائم حنين: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني، حتى إنه لأحب الناس إليَّ!! ٤

ولفرط جوده صلى الله عليه وسلم ومعرفة الناس به علقت الأعراب -منصرفة من حنين- يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف وقال: "أعطوني ردائي، فلو كان عدد هذه العضاة نعما لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلا، ولا كذوبا، ولا جبانا" ٥.

وقال عمر رضي الله عنه: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما، فقلت: والله يا رسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم، قال: "إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش، أو يبخلوني، فلست بباخل" ٦.


١ صحيح البخاري - كتاب البيوع - باب ذكر النساء ج٤ ص٢٩.
٢ صحيح مسلم - كتاب الفضائل - باب في سخائه صلى الله عليه وسلم ج١٥ ص٧٢.
٣ صحيح مسلم - كتاب الفضائل ج١٥ ص٧٢.
٤ صحيح مسلم - كتاب الفضائل - باب سخائه صلى الله عليه وسلم ج١٥ ص٧٣.
٥ صحيح البخاري - كتاب الجهاد - باب ما كان يعطي المؤلفة ج٥ ص٢٣٤.
٦ صحيح مسلم - كتاب الزكاة - باب إعطاء المؤلفة ج٧ ص١٤٦.

<<  <   >  >>