للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- نداءات الملائكة:

من صور الوحي الذي بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم نداء الملائكة عليه، وإعلامهم إياه بنبوته، وهو لا يعرف المنادِي، ولا يمكنه تحديد مصدر النداء..

من ذلك ما رواه ابن كثير بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة: "إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء، وقد خشيت والله أن يكون لهذا أمر".

قالت: معاذ الله، ما كان الله ليفعل ذلك بك، فوالله إنك لتؤدي الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث.

فلما دخل أبو بكر، قالت له خديجة، يا عتيق، اذهب مع محمد إلى ورقة١.

فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده، فقال: انطلق بنا إلى ورقة.

قال: ومن أخبرك؟

قال: خديجة.

فانطلقا إليه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: "إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي: يا محمد، يا محمد، فأنطلق هاربا في الأرض".

فقال له: لا تفعل إذا أتاك فاثبت، حتى تسمع ما يقول لك، ثم ائتني فأخبرني.

فلما خلا ناداه: يا محمد، قل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حتى بلغ {وَلا الضَّالِّينَ} قل: لا إله إلا الله، فأتى محمد ورقة، فذكر له ذلك، فقال له ورقة: أبشر ثم أبشر، فأنا أشهد أنك الذي بشر بك ابن مريم، وإنك على مثل ناموس موسى، وإنك نبي مرسل٢.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خرجت مرة حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل، فرفعت رأسي إلى


١ ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو ابن عم خديجة رضي الله عنها، آمن بمحمد يوم أن جاءه يسأله، فلما توفي قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنه: "لقد رأيت القس في الجنة على ثياب بيض؛ لأنه آمن بي، وصدقني"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا ورقة؛ فإني رأيت له جنة أو جنتين". "سيرة ابن كثير ج١ ص٣٩٨".
٢ البداية والنهاية ج٣ ص٩.

<<  <   >  >>