للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو يسمعه ويحفظه، ومع الناس وهو يعلمهم، ومع الأعداء وهو يقاومهم.

إن المعركة طويلة، والصبر هو الزاد الذي يلائمها، وهو الذي يحقق الفوز في النهاية.

وهذه الآيات السبعة الأولى في سورة المدثر نزلت في أول الوحي بالرسالة بعد فتور الوحي متضمنة الأسس الرئيسية للحركة بدين الله تعالى؛ ولذلك جاءت إعلانا واضحا عن أساسيات القيام بالرسالة، وأهم ما يجب أن يتحلى به الرسول والدعاة.

وأما أول سورة العلق فقد نزل في مرحلة الوحي بالنبوة التي استمرت ستة أشهر؛ ليعرف النبي صلى الله عليه وسلم ربه، ويقف على كمال صفاته وحقائقها، ويألف لقاء الملائكة، وتلقي الوحي من ربه.

يذهب البعض إلى أن أول المدثر نزل أولا استنادا إلى حديث البخاري الذي رواه بسنده عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن؟

قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} ..

قلت: يقولون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} .

فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن ذلك، وقلت له مثل ما قلت لي، فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جاورت بحراء فلما قضيت جواري، هبطت، فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أرَ شيئا، ونظرت عن شمالي فلم أرَ شيئا، ونظرت أمامي فلم أرَ شيئا، ونظرت خلفي فلم أرَ شيئا، فرفعت رأسي فرأيت شيئا، فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا عليَّ ماء باردا"، قال صلى الله عليه وسلم: "فدثروني وصبوا عليَّ ماء باردا"، قال: "فنزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} " ١.


١ صحيح البخاري بشرح فتح الباري - كتاب التفسير - سورة المدثر ج٨ ص٦٧٦.

<<  <   >  >>