وإنما كانت الصلاة وكان الوضوء في أول المبعث على وجه الإباحة والسنية، فلما فرضت الصلاة في ليلة الإسراء، جاء الأمر بالوضوء في القرآن الكريم لأداء الصلاة المفروضة.
وهكذا تآلفت هذه الجماعة بالإسلام، وتوحد عملها وهدفها، مما جعل السعادة ترفرف على محمد صلى الله عليه وسلم في بيته الكريم.
وسارت به الحياة هادئة في مرحلة الدعوة السرية، ومدتها سنتان ونصف على الأرجح؛ لأن كفار مكة تصوروا محمدا واحدا من الحنفاء الذين يتكلمون من غير أن يؤثروا في غيرهم، وبخاصة أنه لا يتكلم مع كل الناس، وإنما كان يتخير أفرادا قليلين متميزين بلين الجانب والتواضع مع التروي والهدوء.
كما تصوروا أن محمدا سيفتر عن دعوته، ويتركها بعد مدة حين ينصرف الملأ والوجهاء عنه، وصدقوا أنفسهم حينما رأوا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم من الفقراء والضعفاء، فلما جهر محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة، ودخل في الإسلام عدد يزيد كل يوم شعروا بالخطر، وبدءوا في المواجهة والمقاومة والعدوان.