للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} ١، ويصفونه بالسحر والكذب، يقول سبحانه: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} ٢، وكانوا يشيعونه ويستقبلونه بنظرات ناقمة، وعواطف هائجة، وكراهية ظاهرة، يقول تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} ٣، وكان إذا جلس، وحوله المستضعفون من أصحابه استهزءوا بهم، وقالوا: هؤلاء جلساؤه الذين {مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} ٤، فرد الله عليهم بأنه وحده العليم بحقائق الناس وقلوبهم، وليس لهم أن يتقوَّلوا عليهم، وذلك بقوله سبحانه: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} ٥، فأنكر عليهم بأسلوب يبرز جهلهم وخيبتهم.

إن كفار مكة كانوا يتصرفون باستعلاء وجبروت، وهم يتعاملون مع رسول الله وسائر أصحابه، حتى أنهم جعلوا المؤمنين مادة سخريتهم، ودعابة مجالسهم، يتضاحكون من عقيدتهم، ويتغامزون إذا رأوهم، وإذا رجعوا إلى أهليهم تفكهوا بسيرهم، معتقدين أنهم ضلوا عن الحق، بتركهم عبادة الأوثان، يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ، وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ، وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ، وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} ٦.


١ سورة الحجر آية ٦.
٢ سورة ص آية ٤.
٣ سورة القلم آية ٥١.
٤ سورة الأنعام آية ٥٣.
٥ سورة الأنعام آية ٥٣.
٦ سورة المطففين الآيات ٢٩-٣٣.

<<  <   >  >>