ابن الحارث، فلقد ذكروا أن النضر قال: والله لقد نظرت فيما قال محمد، فإذا هو ليس بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو ما يعلى عليه، وما أشك أنه سحر، فكأنه رق له.
فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام فأتاه فقال: أي عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا.
قال: لِمَ؟
قال: يعطونكه فإنك أتيت محمدا تعرض لما قبله.
قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالا.
قال: فقل فيه قولا يعلم قومك منه أنك منكر لما قال، وأنك كاره له.
قال: فماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى.
قال أبو جهل: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه.
قال: فدعني حتى أتفكر فيه، فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثره عن غيره١.
٥- مساومات وتخليط:
حاول الكفار مرات عديدة أن يتعاون معهم محمد صلى الله عليه وسلم في خلط الإسلام بالكفر؛ ليكونا سويا دينا خليطا من هذا وذاك، وأن يعبدوا الله يوما، ويعبد محمد أصنامهم يوما آخر، وهكذا.
يروي ابن إسحاق بسنده أن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل السهمي -وكانوا ذوي أسنان في قومهم- اعترضوا محمدا، وهو يطوف بالكعبة، وقالوا له: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرا مما