فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب، فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به.
قالوا: سَحَرَك والله يا أبا الوليد بلسانه.
قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم١، وماذا أقول فيه؟ والله إنه ليس من كلام الإنس، ولا من كلام الجن.
فقال له أبو جهل: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه.
قال: دعى أفكر فيه، لما اجتمع بقومه قال وقد حضر الموسم: يا معشر قريش، إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا، ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضا.
قالوا: فأنت يا أبا عبد شمس، أقم لنا رأيا نقول فيه.
قال: بل أنتم فقولوا أسمع.
قالوا: نقول كاهن.
قال: والله ما هو بكاهن، فقد رأينا الكهان، فما هو بزمزمة الكاهن، ولا سجعه.
قالوا: فنقول مجنون.
قال: والله ما هو بمجنون فقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه، ولا تخالجه، ولا وسوسته.
قالوا: فنقول شاعر.
قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رجزه، وهزجه، وقريضه، ومقبوضه، ومبسوطه، فما هو بشاعر.