قال له زيد بن حارثة رضي الله عنه رفيقه في رحلة الطائف: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟
فقال صلى الله عليه وسلم:"يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا، وإن الله ناصر دينه، ومظهر نبيه".
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم صوب مكة، حتى وصل حراء فمكث بها، وأخذ يبحث عن شخص يجيره وينصره..
فأرسل رجلا من خزاعة إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال الأخنس: أنا حليف، والحليف لا يجير.
فبعث الرجل إلى سهيل بن عمرو، فقال سهيل: إن بني عامر لا تجير على بني كعب.
فبعث الرجل إلى المطعم بن عدي، فرد المطعم ردا جميلا وقال: نعم، ثم تسلح، ودعا بنيه وقومه، وقال لهم: إلبسوا السلاح، وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرت محمدا، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ادخل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى: يا معشر قريش، إني قد أجرت محمدا فلا يهجه أحد منكم.
وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه، وصلى ركعتين، وانصرف إلى بيته، ومطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته.
وقيل: إن أبا جهل سأل مطعما: أمجير أنت أم متابع -مسلم-؟ قال: بل مجير، قال: قد أجرنا من أجرت..
وقد حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم للمطعم هذا الصنيع، فقال في أسارى بدر:"لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له" ١.
١ صحيح البخاري - كتاب الجهاد - باب ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم به على الأسارى ج٥ ص٢٢٦، ط. الأوقاف.