للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جعلها الله على نوعين:

النوع الأول: ما يتصل بالعبادات المشروعة، والأعمال التامة، والأحكام الثابتة، وهذه فصَّلها الإسلام تفصيلًا لا يقبل تغييرًا أو تبديلًا، وقد شرعها الله بهذه الدقة والدوام لتنظيم حياة الناس جميعًا إلى يوم القيامة، وهي المعروفة بالثوابت في الإسلام؛ كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وأحكام النكاح، والطلاق، والميراث ... وهكذا.

النوع الثاني: وهو ما يتصل بالأعمال التي تختلف من مكان إلى مكان، وتتغير من زمن لزمن آخر، ومن جماعة لغيرها؛ كصورة الشورى، ومناهج العمل اليومي، والطبائع المرتبطة بالعادات والتقاليد، ومع هذا النوع كان وضع القواعد العامة المنضبطة بالأصول الشرعية؛ لتكون إطارًا للمتغيرات، تأخذ الحكم منها بواسطة اجتهاد علماء الإسلام ... ومن أمثلة ذلك القوة فهي تختلف نوعًا وصورة، فهناك القوة الخَلْقية، وهناك القوة الإيمانية، وهناك القوة العلمية، وهناك القوة العسكرية، من سيف، ورمح، ومدفع، وصاروخ، وطائرة ... إلخ، وأمام هذا التنوع للقوة يضع الله تعالى مبدأ كليًّا حيث يقول تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} ١، وعلى مثال ذلك وضعت المبادئ الكلية للمتغيرات العملية.

وهكذا ملكت الشريعة القدرة على الالتقاء مع الناس جميعًا، وهي تنظم لهم كافة جوانب الحياة مع اختلافهم وتنوعهم.

والعالم كله لا يجتمع على منهج واحد؛ ولذلك احتاجت الرسالة المحمدية إلى عديد من المناهج لتتوجه إلى الناس، أينما كانوا، وكيفما كانوا، وبخاصة أنها


١ سورة الأنفال الآية ٦٠.

<<  <   >  >>