لقد ركز رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته في مكة على تثبيت العقيدة في القلوب؛ ليعيش الناس الإسلام كله بعدما تمتلئ قلوبهم بالإيمان.
إن المجتمع المسلم والفرد المسلم يجعل الإسلام دستور الحياة على أساس إيماني خالص، ويعيشه بكماله وتمامه، على أساس أنه متطلب إيماني، نابع من عقيدة "لا إله إلا الله" التي هيمنت على قلبه وعقله وعواطفه، وأصبحت هي الموجِّه الوحيد لسلوكه عن طواعية واختيار.
إن مقتضى شهادة التوحيد يشمل أركان الإيمان، وسائر العبادات، والتوجيهات التشريعية والأخلاقية ... وغيرها١.
إن مقتضى هذا التوحيد يشمل الحياة كلها؛ ولذلك كان البدء بتعليم العقيدة، وكان الجهد المبذول في تثبيتها ضخما ليتلاءم مع أهميتها، ودورها في تطبيق الإسلام كله.
إن مقتضى التوحيد يؤدي إلى إيجاد الفرد المسلم، والمجتمع المسلم في عالم الواقع، وبذلك يتحول الكون كله عابدا لله تعالى، ويصير الناس ربانيين، مخلصين، صالحين، أعمالهم كلها لله، يتحرون بها طاعة الله، والامتثال لأمره، واجتناب نواهيه.
وأمانيهم كسب رضى الله، ومن أجلها يتحرون مناط الرضى، ويركزون على عوامل القربى؛ ليتمتعوا برحمة الله، ورضوانه، وحبه.
وتجارتهم الرئيسية مع الله، وأغلى أرباحهم ينتظرونها يوم أن يتجلى الله عليهم بعزته، وهم في النعيم، فيرونه، ويسعدون بلقياه، ويعيشون في الجنات خالدين لهم فيها ما يشاءون.
إن النطق بالشهادة يعبر عن حقيقة اليقين، ويؤدي إلى التمسك بلوازمها ومقتضياتها، ويوجد المؤمن السعيد، ويحقق المجتمع العظيم، في عالم الناس.
١ انظر: كتاب لا إله إلا الله، للأستاذ/ محمد قطب، العقيدة أولا، للدكتور/ الشريف الهجاري.