عليهم السلام بلسان المدعوين، ووجب تبليغ الدين على نحو بيِّن ومفهوم دقيق.
إن الخطاب الديني يتجه إلى الإنسان، ويعيش مع طاقاته العقلية والوجدانية والسلوكية ... ووجب لذلك أن يتنوع مع دقة المعنى، وجمال العبارة، وحلاوة الأسلوب على نمط القرآن الكريم الذي شهد له أعداؤه، وقالوا عنه: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة١.
إن أسلوب القرآن الكريم يتضمن الإقناع العقلي، والتأثير الوجداني، والجذب الروحي؛ لأنه يخاطب في الإنسان شعوره ومشاعره، ويتحدث مع عقله وعواطفه، ويأخذ بالألباب والأرواح.
لقد كان كفار مكة -وعلى رأسهم قادتهم- يتأثرون بالقرآن حين سماعه؛ ولذلك كانوا يأتون سرا لسماع محمد صلى الله عليه وسلم في الليل إعجابا بأسلوب القرآن الكريم.
ويرى ابن هشام عن ابن إسحاق أن محمد بن شهاب الزهري قال: إن أبا سفيان بن حرب، وأبا جهل بن هشام، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، حليف بني زهرة، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في بيته، فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق، فتلاوموا.
وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا، ثم انصرفوا.
حتى إذا كانت الليلة الثانية، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة، ثم انصرفوا.
١ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام ج١ ص٢٩٣.