للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترسم الآية الإطار العام للعقيدة، والدائرة الشاملة للحياة البشرية، وجعل كل الأعمال الظاهرة والباطنة عبادة الله تعالى.

ولم يكن صدفة أن يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتربية المجموعة الأولى على تجريد التوحيد، فرسخ في قلوبهم المعرفة الحقة بالله تعالى التي تقتضي الاستسلام التام له، والطاعة المطلقة له، وعدم التقديم بين يديه، والرضا والتسليم بقضائه وقدره١.

ومرجعية هذه الجماعة هي الوحي الإلهي، والرسول صلى الله عليه وسلم بينهم يعلمهم ويبين لهم طرق العمل به، والهداية بمنهجه..

وقد تعلمت هذه الجماعة من القرآن الكريم الذي نزل عليهم أن هناك سننا أرادها الله تعالى لمسيرة الحياة والأحياء، لا بد من تقبلها والتعامل معها.. ومن أهمها:

أ- الابتلاء والتمحيص:

ابتلاء المؤمنين بالأذى والاضطهاد سُنَّة إلهية في الناس؛ ليظهر الطيب والخبيث؛ ولذلك قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: "ما جاء رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي"٢، ويقول الله تعالى: {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} ٣.

وعلى هؤلاء المسلمين ومن يأتي بعدهم ضرورة تحمل الابتلاء، والصبر على الأذى؛ تمييزا لهم، وإظهارا لصلابتهم، يقول الله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ


١ منهج النبي صلى الله عليه وسلم ص٣٢.
٢ صحيح البخاري - كتاب بدء الوحي ج١ ص٣.
٣ سورة العنكبوت الآيات ١-٣.

<<  <   >  >>