ولما مرض صلى الله عليه وسلم وجاءته عماته يعدنه، قال لهن:"ما اشتكيت شيئا، ولكن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين".
فقلن له: فادعهم ولا تدعُ أبا لهب فيهم، فإنه غير مجيبك.
فنراه صلى الله عليه وسلم يخبر عليا وعماته بدعوته بصورة فردية..
ومرة يجمع أعمامه ونفرا من بني المطلب بن عبد مناف، حيث دعاهم إلى طعام، وبلغهم بدعوة الله تعالى مرتين؛ لأنه لم يتمكن من الحديث في المرة الأولى بسبب مقاطعة أبي لهب له، ودعاهم في المرة الثانية.
جاء في الكامل لابن الأثير أنه لما أنزل الله على رسوله:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} اشتد ذلك عليه صلى الله عليه وسلم وضاق به ذرعا، فجلس في بيته كالمريض، فأتته عماته يعدنه، فقال:"ما اشتكيت شيئا، ولكن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين"، فقلن له: فادعهم ولا تدعُ أبا لهب فيهم فإنه غير مجبيك، فدعاهم صلى الله عليه وسلم.
فحضروا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا خمسة وأربعين رجلا.
فبادره أبو لهب وقال: هؤلاء هم عمومتك، وبنو عمك، فتكلم ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك في العرب قاطبة طاقة، وأن أحق من أخذك فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب لك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحدا جاء على بني أبيه بشر مما جئتهم به.
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم دعاهم ثانية وقال:"الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدا، أو النار أبدا".
فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامضِ