للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين، ثم انصرفوا عنه.

فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفسا بتسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، ولا لأحد منهم، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يابن أخي، إن قومك قد جاءوني، فقالوا لي كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له، فابقِ عليَّ وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عم، والله لو ضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته".

ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يابن أخي، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اذهب يابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا"١.

وحينئذ تأكدوا من فشلهم في تحريض عمه أبي طالب، وتجريده صلى الله عليه وسلم من الحماية والمساندة، فوضعوا خطه متعددة الأطراف لإرهاب الرسول والمؤمنين، ومنع الناس من الاقتراب من رسول الله، والاستماع لدعوته، ومجمل هذه الخطة يتضح في النقاط التالية:

١- قيام كل قبيلة بتعذيب واضطهاد من أسلم من أبنائهم أو من عبيدهم.

- من ذلك أن أبا جهل كان إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة، أنبه وأخزاه وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال والجاه، وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به٢.


١ سيرة النبي ج١ ص٢٦٥، ٢٦٦.
٢ سيرة النبي ج١ ص٣٢٠.

<<  <   >  >>