للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم أنا الذي أقول ذلك".

فرأيت رجلا منهم يأخذ بمجمع ردائه صلى الله عليه وسلم، فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه، وهو يبكي ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ ثم انصرفوا عنه، فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط١.

وقد سبق أن ذكرنا ما كان منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة إسلام حمزة رضي الله عنه٢.

٤- التعنت في مواجهة رسول الله، وطلبهم أمورا خارقة للعادة، دليلا على صدقه، وهم مع ذلك عازمون على الكفر، مهما جاءهم من الخوارق؛ ولذلك قال الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليصرفه عن مواجهتهم: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ، وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} ٣.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} ٤.

لقد رأى أهل مكة العديد من المعجزات الخارقة للعادة وعلى رأسها القرآن الكريم، ومع ذلك لم يؤمنوا، فلما طلبوا خوارق جديدة لم يستجب الله لهم رحمة بهم؛ لأنه سبحانه وتعالى لو أوجدها لهم، واستمروا على كفرهم لعذبهم عذابا شديدا.


١ سيرة النبي لابن هشام ج١ ص٢٩٨، ٢٩٩.
٢ انظر صفحة ٤٨١.
٣ سورة الأنعام الآيات ١٠٩-١١١.
٤ سورة يونس الآيات ٩٦، ٩٧.

<<  <   >  >>