أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهم أبو بردة، والثاني أبو رهم في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلا من قومي فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، وكان أناس من الناس يقولون لنا: سبقناكم بالهجرة، ودخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟
قالت حفصة: أسماء بنت عميس.
قال عمر: الحبشية هذه؟! البحيرية هذه؟!
قالت أسماء: نعم.
قال: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم، فغضبت وقالت: كلا والله، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار، أو في أرض البعداء، وذلك في الله وفي رسوله صلى الله عليه وسلم، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وأسأله والله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا.
قال صلى الله عليه وسلم:"فما قلت له؟ ".
قالت: قلت له كذا وكذا.
قال صلى الله عليه وسلم:"ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان".
قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتون أرسالا يسألون عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وأنه ليستعيد هذا الحديث مني١.