للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكة، ولما ألجأه أبو جهل للخروج يوم بدر اشترى أجود بعير بمكة ليمكنه من الفرار فقالت له امرأته: يا أبا صفوان، أنسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا والله ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا.

وكان صلى الله عليه وسلم يعيش مع المسلمين يمدهم بالوحي، ويعلمهم الإسلام، ويملأ قلوبهم باليقين، ويعمل على سلامتهم، وتحقيق الخير لهم بكل ما أمكنه. من ذلك لما اكتشف المشركون بعض الصحابة في شعاب مكة، وهم يصلون مستخفين ناكروهم واصطدموا معهم، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالاجتماع في دار الأرقم؛ لكي يعبدوا الله بعيدا عن أنظار قريش، ويتعلموا ما ينزل من القرآن الكريم١.

وحين أسلم بعض الغرباء؛ كعمرو بن عبسة، وأبي ذر الغفاري، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى قومهم؛ لينشروا الإسلام في قبائلهم من ناحية، وليحافظوا على أنفسهم من كفار قريش الذين يفتنون الضعيف، والغريب الذي لا ناصر له٢.

حرص صلى الله عليه وسلم على متابعة شئون أصحابه بتقوية هممهم وتثبيتهم عند حلول الشدائد والمحن بهم، فكان يزور الذين يعذبون منهم في أماكن تعذبيهم، فيواسيهم بالصبر والثبات، ويبشرهم بالجنة، كما في قوله لآل ياسر وهم يعذبون: "صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة" ٣، وهو صلى الله عليه وسلم هو الذي وجه أبا بكر الصديق لشراء العبيد وإعتاقهم حسبة لله تعالى.

وكان عليه الصلاة والسلام يقوم بزيارة منتظمة لأبي بكر رضي الله عنه كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: "لم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشيا".


١ سيرة ابن هشام ج١ ص٢٧٥.
٢ صحيح البخاري - كتاب المناقب الأنصار - باب إسلام أبي ذر ج٤ ص٢٤١.
٣ أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ج٣ ص٣٨٨.

<<  <   >  >>