للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسرع في الموافقة، لا فرق كما هو مذكور بين الملائكة والبشر؛ لأن الإقناع لا يتم إلا بالأمر الواقع، ويعيش التصديق دائما مع الحق والثبات، ومن أكثر من الدعوة حاجة إلى الإقناع والثبات!!!

صحيح أن الدعوة تحمل في طياتها عناصر الثقة بها، من واقعية في التشخيص ودقة في الإسعاد، لكن هذا لا يعفي الداعية من ضرورة الثقة فيه أيضا؛ لكي تصغى إليه الآذان، وتسمع العقول، وتفكر الأفئدة، وبعدها يكون قد أدى ما عليه.

٢- الأمانة:

ومما يلازم الصدق صفة الأمانة الشاملة لكل ما يقوم الإنسان به تجاه نفسه وتجاه الناس، من قول أو عمل، ومن أكبر الخيانات أن تكذب الحديث؛ حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق، وأنت له به كاذب" ١؛ ولذلك أمر الله المسلم بألا يخون في أي جانب من الجوانب؛ حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ٢، وكما ارتبط الإيمان بالصدق فهو يرتبط بالأمانة، ويجب أن يشتهر الداعية بالأمانة كما اشتهر بالصدق عند الجميع: من أسلم ومن لم يسلم؛ ليتحقق خير كثير للدعوة.

٣- الإخلاص:

يحتاج الدعاة إلى الإخلاص لله تعالى وهم يبلغون دينه..

والمقصود بالإخلاص أن يكون العمل كله لله، لا يداخله غرض آخر، وأن يبحث في كل أقواله وأعماله وأحواله عن مراد الله، وتوجيهه فيما سيقوم به.

وقدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي عاش عمره للدعوة ولم ينظر لشيء آخر.

عرض عليه كفار مكة المال والملك والسلطان والمرأة ليترك الدعوة، فكان رده واضحا بأنه لن يتركها ولو ملكوا قوى الكون وأعطوها له في يده، وتحت تصرفه.


١ البخاري - الأدب المفرد.
٢ سورة الأنفال الآية ٢٧.

<<  <   >  >>