للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل التصوف يشعرون بالإلهام الإشراقي، ويذكرون أن أهل الله يكون الله معهم دائما عونا ونصيرا.

ومع أن الأمر هبة إلهية، فإننا نطالب بالأخذ بالأسباب ومطرد العادة.

أراد النظام أن يوجه ولده إبراهيم للدعوة إلى الله تعالى، فأحضره إلى الخليل بن أحمد، فقام الخليل باختبار ذكائه، والوقوف على درجة بديهته، فأحضر كأسا، وقال له: صف هذا الكأس.

فقال إبراهيم: بمدح أم بذم؟!

فقال الخليل: بمدح.

فقال إبراهيم: تريك القذى، ولا تقبل الأذى، ولا تستر ما وراء.

فقال الخليل: بذم.

فقال إبراهيم: يسرع إليها بالكسر، ولا تقبل الجبر.

وهنا أخذ يعلمه ويوجهه لما رأى فيه من فطنة وذكاء.

ومن هذا الباب أيضا أن الحافظ العراقي لما ذهب إلى شيح بن البابا؛ ليتلقى عنه الحديث، اختبره أولا حيث قال له: من ابن البيع؟

قال الحافظ: الحاكم أبو عبيد الله النيسابوري.

فقال له: من أبو محمد الهلالي؟

قال: سفيان بن عيينة.

قال له: هلم يا بني، وعرف مكانته من الوعي والإدراك، واستعداده للتعلم، وعلمه.

إن مثل هذا الاختبار يتم اليوم في عدد من الدراسات المتخصصة التي تبدأ من وقت مبكر؛ كدور المعلمين والمعلمات، ومعاهد الخدمة الاجتماعية، والمدارس العسكرية المتنوعة، وذلك كله لينجح الطالب بعد تخرجه فيما يوكل إليه من أعمال.

وقد أدرك قدر هذا الاختبار المبكر مع الاختيار أصحاب المذاهب الوضعية

<<  <   >  >>