للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلومه، وبإعجازه اللفظي والمعنوي؛ ليربي البشر على الترقي في هذا الاستقلال إلى ما هم مستعدون له من الكمال١.

وقد جعل الله معجزة الإسلام هكذا لتتلاءم مع طبيعة البشر العقلية، ودائما يجعل الله المعجزة من جنس ما تفوق فيه البشر الذين تأتيهم هذه المعجزة، حتى يتمكنوا من تبيان صدق الرسول في دعواه، وينظروا إلى ما جاءهم به، ويعلموا أنه وحي من الله، ودليلهم المعجزة التي يعرفونها يقينا؛ حيث تفوقوا في جنسها ونوعها كما ظهرت لهم.

إن معجزة موسى -عليه السلام- في قوم اشتهروا بالسحر كانت قلب العصا ثعبانا، وإخراج اليد بيضاء من تحت الجناح، ومعجزة عيسى -عليه السلام- إلى قوم اشتهروا بالطب هي إحياء الموتى وإبراء الكمه والأبرص، فكان لزاما أن تأتي معجزه الإسلام على هذه السنة، ما دام العالم كله على وجه العموم في موجة رشيدة من النضج الفكري.

وكان العرب على الخصوص أكثر اهتماما بصناعة اللسان، وعلوم البلاغة والفصاحة٢؛ ولذا كانت المعجزة هي القرآن الكريم مناسبة لهذا النضج، ومراعاة للبلاغة والفصاحة، ليؤمن العرب سراعا بها وينطلقوا حاملين الدعوة إلى كل العالم مقدرين نضجه الذي ساعد على أن تكون الرسالة عامة وخاتمة.

ومع ما في القرآن الكريم من إعجاز لغوي ناسب العرب الذي نزل بلغتهم، فإنه يشتمل على وجوه عدة للإعجاز تناسب كافة الأمم؛ لأن الرسول بعث للعالم كله، ففي القرآن من وجوه الإعجاز الكثير، منها:

- الإعجاز التاريخي بما فيه من بيان لتاريخ السابقين وآثارهم ومللهم ونحلهم؛ ليناسب أهل الحضارات المهتمين بالتاريخ.


١ الوحي المحمدي ص٦١.
٢ توضيح العقائد ص١٧٢.

<<  <   >  >>