للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم كانوا يعرفون مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلمون أن زمانه قد حان، فعن محمد بن إسحاق عن عاصم بن قتادة عن أشياخه: أن اليهود في المدينة كانت تقول للأوس والخزرج: قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم١.

يقول ابن عباس: إن اليهود في المدينة كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه٢.

ورأي اليهود له قيمته عند جيرانهم قبل البعثة؛ لأنه قد اشتهر عنهم معرفتهم ببعض أسرار الوحي وعلاماته، فلقد رووا أن مشركي مكة لما بعث محمد صلى الله عليه وسلم فيهم أرسلوا وفدا منهم يسأل اليهود عن رأيهم في هذا الرسول الذي أتاهم ودعاهم بدعوته، وكان الوفد مكونا من النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط٣، ولم تكن هذه المعرفة خاصة بيهود المدينة وحدهم، فلقد انتشر خبرها في أماكن كثيرة، وصلت إلى أقصى الشمال، لدرجة أن سلمان الفارسي حينما أراد أن يترك المجوسية، ويبحث عن الدين الحق، قال له كاهن عمورية: إنه قد أظل زمان نبي، وهو مبعوث بدين إبراهيم -عليه السلام- يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى أرض بين حرتين، بينهما نخل، وبه علامات لا تخفى، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة٤، وليس ذلك بكثير على علماء اليهود والنصارى؛ لأنهم {يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} ٥.

جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية أن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وجدت في التوراة والإنجيل، ولم تزل صفاته موجودة يعرفها العلماء والأحبار٦ من أهل الكتاب.


١ الكشاف ج١ ص٢٩٦.
٢ تفسير ابن كثير ج١ ص٢١٣ هامش فتح البيان.
٣ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ج١ ص٣٢٠.
٤ نفس المرجع ج١ ص٢٣٧.
٥ سورة الأعراف من آية ١٥٧.
٦ تفسير ابن كثير ج٤ ص٢٤٨ هامش فتح البيان.

<<  <   >  >>