تلعب البيئة التي يقوم فيها المرشد بعمله الإرشادي مع المسترشدين دورا كبيرا في نجاح العملية الإرشادية، ولا ننس ونحن نهيئ بيئة الإرشاد، والتي تتمثل أساسا في مكتب المرشد أن نتذكر حاجات المسترشد، وخاصة تلك الحاجات النفسية، وما يعتريه من مشاعر وانفعالات حين يأتي إلى مكتب المرشد، والبيئة المطلوبة هي التي ستشع في المسترشد الإحساس بالدفء، والود.
ورغم أن بعض الباحثين يرى أن المرشد الماهر يمكنه أن يعمل تحت أي ظروف إلا أنه من الأفضل "طالما توافرت الإمكانيات"، أن يهتم المرشد بإعداد البيئة التي تساعد على تكوين مشاعر الأمن، والطمأنينة في المسترشد.
لقد اهتم كثير من الباحثين بأهمية تهيئة المكان الذي يتم فيه الإرشاد، وعلاقته باستجابة المسترشدين في الإرشاد.
ففي دراسة قام بها هاس، وديماتيا "١٩٧٦" Haas & Dimattia درس الباحثان تأثير حجم الغرفة، وترتيبات الأثاث على التعبير اللفظي، والاستجابة اللفظية للمسترشد، وقد أوضحتت الدراسة أن الغرفة الصغيرة أدت إلى خفض عدد الإشارات الموجبة للذات من جانب المسترشد.
وفي دراسة قام بها شايكين، دير ليجا، وميلر "١٩٧٦" Chaikin, Derlega & Miller تبين لهما أن الانفتاح الشخصي، "والذي يعتبر من المحاور الأساسية في الإرشاد" من المسترشد يزداد فيه الجانب الودي بشكل كبير عندما تكون الحجرة "مكتب المرشد"، ذات تأثيث روعي فيه البساطة عما لو كانت ذات تأثيث معقد.
كذلك اهتم باحثون آخرون بدراسة ترتيب المقاعد، ومكان الجلوس وعلاقتها ببعض جوانب العلمية الإرشادية، ومن دراسة أجراها برمكان ومولر "١٩٧٣" Brockman Moller حول ترتيبات الجلوس اتضح للباحثين أن الأفراد الذين كانوا يتصفون بالسلبية، والاعتماد على غيرهم، وكذلك الذين يبدون تحفظا مع ذوي المكانة يفضلون وجود مسافة أكبر بين المقاعد، على حين أن الأشخاص الذين يميلون للسيطرة، ولديهم الثقة في أنفسهم، والاستقلالية يفضلون الجلوس في مقاعد متقاربة.
لكن اتساع الغرفة وتأثيثها من الأمور التي قد لا يستطيع المرشد التحكم فيها، ويجب ألا يشغل نفسه كثيرًا بها، فقد يهمنا في حجرة الإرشاد أن تتوافر فيها الطمأنينة للمرشد، والخصوصبية بحيث لا يكون هناك مقاطعات للعمل الإرشادي، ويمكن للمرشد