العمل الإرشادي ينتمي كما سبق القول إلى مجموعة تخصصات، أو مهن تعرف بمهن المساعدة "المعاونة" Helpin Professions، وهذه المهن تتطلب من القائم بها أن يضع شخصه داخل هذا العمل، وأن يكون مستعدا للعطاء دون ملل، وتحمل العمل دون ضجر، ودون يأس -وهو لذلك يحتاج أن تتوفر فيه مجموعة صفات، أو خصائص شخصية تجعل من عمله بجانب اصطباغة بالأسس العلمية ذا طبيعة فنية خاصة يشعر بها المرشد، وهو يؤديها ويشعر بها المسترشد الذي يقدم العمل من أجله، وفيما يلي بعض الخصائص التي يرى المؤلف ضرورة توفرها في المرشد.
١- الأمانة:
والأمانة كلمة بسيطة ولكنها ذات معنى واسع، والأمانة مشتقة من الأمن، ومادة الأمن تعبر عن الطمأنينة، والأمانة صفة هامة أساسية ينبغي أن تتوافر في المرشد.
إن المسترشد حين يأتي إلى موقف الإرشاد فإنه يأتي ومعه مشكلة، وهذه المشكلة جاءت من مسببات، ومن ظروف أكثرها يكون في عائلة المسترشد أو أسرته, وقليل منها يكون في البيئة التي يتحرك فيها، وفي جميع هذه الأحوال، فإن هناك معلومات سيحتاجها المرشد حول المشكلة، والظروف التي أنشأتها أو التي تساعد على استمرارها، وهذه المعلومات بعضها قد يمثل جانبا حساسا من حياة الناس لا يحبون أن يطلع عليه أحد، ومن هنا نجد المسترشد في الجلسات الأولى من الإرشاد، وقد حجب كثيرًا من المعلومات العامة خوفا من أن يعرفها آخرون، أو أن تصبح موطن حرج له، فإذا ما عرف ما يشترط في الإرشاد من أمانة تقتضي صون المسترشد، وصون أسراره فإن الثقة في المرشد تنمو لدى المسترشد، ويبدأ في تقديم المعلومات التي يحتاجها المرشد ليساعده.
إن الأمانة تقتضي من المرشد أن يحافظ على المسترشد، وأن يصونه بكل ما يستطيع، ومعنى هذا أن يصون دينه وعقله، وسلامته "نفسه" وماله وعرضه، وهي الضرورات التي تحددها الشريعة الإسلامية.
والأمانة تقتضي من المرشد أن يصون الجماعة المسلمة، والمجتمع المسلم بكل ما أوتي من قوة، وهو بذلك يلتزم بوقاية مسترشديه بكل ما يمكنه، ووقاية المجتمع من أي داء يتسلل إليه.
والأمانة تقتضي من المرشد أن يصون أسرار المسترشد إلا عندما يتحقق أن الاستمرار في ذلك تنشأ عنه مضرة، أو مفسدة للمسترشد نفسه أو لآخرين، أو للمجتمع ككل.
والأمانة تقتضي أن نقدم للمسترشد المعلومات الدقيقة الصادقة لكل المواقف التي يحتاج فيها إلى هذه المعلومات لتصحيح موقف، أو تخطي عقبة أو حل مشكلة، وأن نسعى للحصول على هذه المعلومات من مصادرها الصحيحة.