إن الاتصال "التخاطب" عملية ذات اتجاهين، ويعتبر الإصغاء النصف المكمل للكلام، ولا تقل أهمية الإصغاء الجيد عن أهمية الكلام الجيد, وإن كان الإصغاء أكثر صعوبة، هل يمكن مثلًا لأحدنا أن ينصت لنصف ساعة دون أن يسمح لأفكاره بالتجول "السرحان"؟ إن الإنصات الجيد فن يتطلب تركيز كل الإمكانيات العقلية للفرد، وبصفة عامة فإن الناس بوسعهم أن يتكلموا بصورة أفضل من أن ينصتوا.
إن الإصغاء من جانب المرشد يعتبر مطلبًا أساسيا لكل الاستجابات، والفنيات الأخرى في الإرشاد، وعندما يخفق المرشد في أن ينصت، فإن المسترشد قد يشعر بالإحباط، وعدم الرغبة في التعبير عما في نفسه "الانفتاح"، وقد يناقش مشكلة أخرى غير المشكلة الأساسية، كما قد يقترح المرشد أساليب علاجيه بشكل متعجل.
يرى كورميير وكورميير "١٩٨٥" أن الإصغاء أو الإنصات يشتمل على ثلاث عمليات: استقبال رسالة، وتشغيل الرسالة "أي معالجة المعلومات التي تشتمل عليها الرسالة"، وإرسالة رسالة. انظر شكل "٦".
شكل "٧" عملية الإصغاء.
إن كل رسالة يوجهها المسترشد "سواء كانت لفظية، أو غير لفظية" هي منبه "مثير" يتلقاه المرشد ويحلله، وعندما يرسل المسترشد رسالة فإن المرشد يتلقاها. واستقبال الرسالة عملية ضمنية غير ظاهرة، بمعنى أنه لا يمكننا أن نرى كيف ولا ماذا يستقبل المرشد، ويمكن أن يحدث إخفاق في استقبال كل الرسائل عندما يتوقف المرشد عن الانتباه "الحضور".