قد يبدو أنه من الصعب أن يشتمل مؤلف ينصب أساسا على عملية الإرشاد، طرق الإرشاد باستفاضة كافية، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نترك الحديث عنها كلية للمراجع المتخصصة, ومن هنا فسوف يكون هذا الفصل مركزا ومختصرا. وقد نحاول فيه أن نغطي معظم طرق الإرشاد والتي أصبحت كثيرة، ولكن من الصعب أن تكون التغطية تامة أو شاملة.
ومن هنا يجيء هذا الفصل ليذكر القارئ أن جانبا هاما من عملية الإرشاد ينصب على الطريقة، وأن الطرق متعددة وهي تقوم على أساس من نماذج أو نظريات تزداد يوما بعد يوم. وإذا كان من الصعب أن نعزل الطريقة عن الإطار النظري الذي تبنى عليه لكننا فعلنا ذلك ليتعلم الطالب، طالب اليوم ومرشد الغد، أن بوسعه أن يختار الطريقة التي تناسب مهاراته وتناسب المسترشد الذي يساعده ليدخلها في منظومة العملية الإرشادية, بغضّ النظر عن التوجه النظري للمرشد.
ويهمنا أن نؤكد على هذا الجانب, وبصفة خاصة في ممارسة الإرشاد من منطلق إسلامي، فقد تناسبنا الطريقة إسلاميا إذا عزلناها من التوجهات النظرية والفلسفات التي تبنى عليها, ولكنها إذا لم تعزل فإنها قد تتصادم مع القيم الإسلامية في بعض الأحيان.
وعلى الرغم من كثرة التصنيفات التي تصنف إليها طرق الإرشاد، والتي تنسب في كثير من الأحيان إلى نظريات مثل السمات والعوامل، العلاج السلوكي، العلاج العقلاني الانفعالي، العلاج المعرفي، العلاج الجشطلتي، العلاج بالمعنى، العلاج عند آدلر، التحليل النفسي، العلاج بالواقع، العلاج متعدد الوسائل، العلاج بالسيكودراما، العلاج المتمركز حول الشخص, وغيرها، وعلى الرغم من كثرة التصنيفات إلى واقعية، وسلوكية، ودينامية، وإنسانية، وظاهراتية، وغيرها، فإننا سنترك ذلك إلى المراجع المتخصصة١؛ ومن هنا آثرت أن أتناول طرق الإرشاد فرادى بمعزل عن التوجه النظري أو الفلسفة التي انطلقت منها، مبينا تطبيقاتها الإرشادية بأمثلة واقعية كلما أمكن ذلك.