عليه وسلم:"أدن"، فدنا حتى جلس بين يديه، فقال -صلى الله عليه وسلم:"أتحبه لأمك"؟ فقال: لا جعلني الله فداك، قال عليه الصلاة والسلام:"كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك"؟ قال: لا جعلني الله فداك، قال:"كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم أتحبه لأختك"؟ قال: لا جعلني الله فداك. فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على صدره، وقال:"اللهم طهر قلبه: واغفر ذنبه وحصن فرجه"، فلم يكن شيء أبغض إليه منه "يعني الزنا"". رواه أحمد.
هكذا نرى المعلم الأعظم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد رفق بهذا الشاب في القول وأدناه منه، وخاطبه موضحا له الصورة التي يمكن أن يكون عليها، فيما رغب في فعله من محرم، ثم وضع يده الشريفة على صدره ودعا له، وهذا يمثل أسمى صور الرفق فعلًا وقولًا.
٨- الإخلاص:
يجب أن يتصف المرشد بالإخلاص في العمل، ومن يتأمل العمل الإرشادي يجد أنه عمل دءوس، وشاق في بعض جوانبه يحتاج إلى صبر طويل، وعندما نصل إلى نهايته العمل مع المسترشد نحس براحة عميقة وارتياح، ولكن عندما يأتي غيرنا ليقيس مقدار ما بذلناه من جهد، فقد يصبح ذلك صعبا، فنحن لا نصنع بعض المنتجات لنعدها، ونحن لا نجري اختبارات في نهاية العام لنستخرج عدد الناجحين ونسبة النجاح، ومن هنا فإن المرشد الذي لا يتصف بالإخلاص قد ينتابه الفتور، ويحاول أن يقوم بالمهام الظاهرة القريبة من نظر رؤسائه، أو يختار أن يعمل مع الحالات ذات المشكلات البسيطة مبتعدا عن الحالات الصعبة.
والإخلاص في عمل المرشد يقتضي منه أن يقبل على عمله برغبة، ورضا وحب في أن يساعد الآخرين، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يراقب عمله، وأنه كلما ساعد إنسانا، وخفف عنه ما يعاني منه من آلام نفسية، أو ما يواجهه من مشكلات أيا كان نوعها، فإنه إنما يعمل ذلك برضا، وعن طيب نفس متخليا عن رغباته، وطموحاته الشخصية دون أن