وعلى سبيل المثال فإن الأفراد يعايشون المأساة النفسية "الحزن النفسي" عندما يدركون موقفا ما على أنه مهدد لمصالحهم الحيوية. وفي مثل هذه الحالات, فإن إدراكاتهم وتفسيراتهم للأحداث تعتبر ذات انتقائية عالية ومتمركزة حول الذات ومتشددة, ونتيجة لهذا ينتج قصور وظيفي في النشاط المعرفي المعتاد، وتكون هناك قدرة منخفضة على إغلاق أو وقف التفكير الخاص والتركيز أو الاسترجاع أو التعليل، كما أن الوظائف التصحيحية التي تسمح باختبار الواقع وتصحيح التصورات العامة يعتريها الوهن.
إن كل فرد لديه مجموعة من الاستهدافات والحساسيات الخاصة التي تهيئه للمحن النفسية، وهذه الاستهدافات يبدو أنها ترتبط ببنيته الشخصية, والشخصية تتكون من مخططات Schemas أي: من تركيبات "بنيات" معرفية تتكون من المعتقدات والافتراضات الأساسية للفرد والتي تنمو في مرحلة مبكرة من حياته من الخبرات الشخصية ومن تطابقه مع الآخرين ذوي الأهمية. ويصوغ الناس مفاهيم حول أنفسهم وعن الآخرين وعن كيف يعمل العالم، وهذه المفاهيم تعزز من خلال الخبرات التعليمية الإضافية؛ ومن ثم تؤثر على تكوين المعتقدات والقيم والاتجاهات الأخرى.
قد تكون هذه المخططات العقلية "البنيات" توافقية أو مختلة، وقد تكون عامة أو محددة في طبيعتها، وربما يكون لدى الفرد مخططات معرفية متنافسة, والمخططات هي بنيات معرفية دائمة، تكون كامنة خلال المراحل غير الضاغطة، وتصبح نشطة عندما تتداخل مع مثيرات أو ضغوط أو ظروف معينة.
وقد درس بيك، وإيبشتين, وهاريسون "١٩٨٣" Beck, Epstein & Harrison الفكرة القائلة بأن هناك مجموعات معينة من الخصائص النفسية أو البنيات "المخططات" المعرفية ترتبط بأنواع معينة من الاستجابات الانفعالية, وتبين لهؤلاء الباحثين أن هناك بعدين رئيسيين في الشخصية يناسبان الاكتئاب وربما أيضا بعض الاضطرابات النفسية الأخرى، وهذان البعدان هما:
الاعتماد الاجتماعي Social dependence والتوجيه الذاتي Autonomy، وقد أظهرت الأبحاث التي قام بها بيك أن الأشخاص المعتمدين "الاتكاليين" قد أصابهم الاكتئاب عقب قطع العلاقات الاجتماعية, أما الأشخاص