وفي الواقع، فإن التطابق يهمنا يصفة خاصة عندما يمارس المرشد المواجهة مع المسترشد، أو عندما يناقش معه جوانب ذات حساسية خاصة، أو ذات تأثير ضاغط في حياته، ويعتبر الصوت من أهم الوسائل التي يمكن للمرشد أن يستخدمها لتحقيق التطابق، وعلى سبيل المثال عندما يتحدث المسترشد عن خبرة، ومشجعة في حياته هنا يمكن للمرشد أن يقول في صوت مرتفع: عظيم، ممتاز.
٣- التزامن Synchrony:
يقصد بالتزامن درجة التناغم بين السلوك غير اللفظي للمرشد والمسترشد، ولكي نساعد المسترشد في تفاعلاته في الجلسات الإرشادية، وبصفة خاصة الأولى منها قد يكون من الضروري أن تضاهي السلوكيات غير اللفظية للمسترشد، وهذا من شأنه أن يبنى الألفة والمشاركة، ولا يعني ذلك أن يقلد المرشد، كل حركة تصدر عن المسترشد، وإنما يعني أن يكون هناك تقارب بين سلوك المرشد غير اللفظي، والسلوك غير اللفظي للمسترشد، فمثلا إذا كان المسترشد قد جلس في استرخاء ممددًا ساقيه في تقاطع مع بعضهما البعض، فإن المرشد يمكنه أن يفعل ذلك.
ويحدث عدم التناغم أو عدم التوافق عندما يأخذ المرشد، والمسترشد أوضاعًا متنافرة كأن ينثني المسترشد للخلف في استرخاء بينما ينثني المرشد إلى الإمام في انتباه، أو عندما تبدو على وجه المسترشد علامات الحزن بينما يبقى المرشد على ابتسامة على وجهه، وكذلك عندما يتحدث المسترشد في صوت خافت ضعيف بينما يعمد المرشد إلى رفع صوته بشكل ملحوظ، وكلما ازدادت أنماط السلوك غير اللفظي التي يقوم المرشد بمزامنتها بسلوك غير لفظي من عنده، كلما ازدادت الآثار الإيجايبة المترتبة على ذلك في العلاقة الإرشادية -غير أن إصرار المرشد على متابعة كل سلوك يصدر عن المسترشد، ومحاولة مزامنته بسلوك من عنده قد يصبح أمرا مزعجا أو مرهقا، ولهذا فقد يكون من الأفضل أن يتخير المرشد سلوكا واحدا من سلوكيات المسترشد غير اللفظية، ويحاول أن يضاهيها، وربما يكون هذا السلوك هو الصوت، أو وضع الجسم "مثلا كيفية الجلوس"، أو الإيماءات وتعبيرات الوجه، وبحيث يكون هذا السلوك طبيعيا، ومريحا للمرشد في مضاهاته.