"فصل في ابتداء ظهور دين الإسلام: معلوم مشهور مما وجد مسطورا في كتب التواريخ، وأخبار أحوال الزمان أن التقوى الصحيحة الخالصة التي شهرت أولا في المسيحيين حين كانوا مبتلين بأشد البلايا، ومظلومين في غاية الظلم، قد أخذت أن تنقص أولا فأول بعد أن كان بواسطة قسطنطين ومن بعده من الملوك، وصار ذلك الاعتقاد ليس أمنا فقط بل ومكرا".
ثم ذكر أن سبب ذلك هو الاختلاف والفتن بين الأساقفة من أجل الرئاسة وعلو المرتبة، إذ قدموا الافتخار بالعلم على تقوى الله، وجعلوا الدين حيلة، وأن ذلك صار سبب اختلاف الأقوال والآراء.
قال: "وإذا رأى عامة الناس ذلك لم يدروا ما يختارون لأنفسهم، يلومون الكتب المقدسة كأنها سبب تلك الفتنة، وينفرون عنها كأنها سم زعاف.