ولا ريب عند كل ذي لب صحيح أن هذا يمنع الثقة بشيء من كتبهم، حيث قبلوا ما كان مشكوكا فيه عند أوائلهم أو مردودا مكذوبا، ثم عمدوا إليه، فألحقوه بإنجيل المسيح الذي زعموا أنه لم يغير، ولم يبدل، فإن مثل هذا لا يرتضيه ثقات المؤرخين أن يضعوا في كتبهم ما يكون مستندا إلى الشك وعدم الثقة، فكيف بكتب الشريعة المنسوبة إلى الأنبياء المجعولة عمدة في الدين؟
فهذا أوضح دليل وأظهر برهان على جهالة الأمة الضالة بالعلم الصحيح الموروث عن المسيح -عليه السلام-، بل قد التبس عليهم الصدق بالكذب، والصحيح بالسقيم، لأنه ليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين، كما لهذه الأمة الإسلامية من الأئمة العلماء والسادة الأتقياء، والبررة النجباء، من الجهابذة النقاد، والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث، وحرروه، وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه ومنكره