ما أشرنا إليه فيما تقدم، بما حاصله أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قام بهذه الشريعة ناسخا شرائع الأنبياء قبله، مستحلا دماء من خالفه من أهل الكتاب وغيرهم، وأموالهم ونسائهم، قائلا: إن الله أمرني بذلك. ومع ذلك أيده الله - تعالى - بأنواع التأييد، وصدقه بأكمل انواع التصديق، ومكنه في الأرض، وأظهر دينه على كل الأديان، وجعل لأمته من التميكن في الأرض ما لم يكن لغيرهم، فدل ذلك على أنه رسول الله، وأنه إنما فعل ذلك عن أمر الله له بذلك، وإلا لكان ذلك طعنا في الرب - تعالى - حيث زعم أعداؤه أنه سلط جبارا كاذبا عليه، وعلى أوليائه وأتباع رسله، ويمكن له غاية التمكين، ويؤيده أعظم التأييد. فمن آمن بربوبية الله لهذا الخلق، ورأى ما ذكرنا لم يرتب في صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه رسول الله، وأن ما أعطاه من النصر والتأييد هو من آيات نبوته، كما كان من آيات الأنبياء إهلاك الله مكذبيهم ونصرة المؤمنين بهم، كإغراق قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم.
وقد ذكر الله قصصهم في القرآن في غير موضع، وبين أنها من آيات الأنبياء، كما في سورة الشعراء، يختم كل قصة من تلك القصص بقوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} .