الوجه الثالث: أن هذا القول من مخترعاتهم المحدثة من بعض متأخريهم، إما من هذا المصنف، أو أمثاله من الضالين.
وهذا كما رام بعض إخوانهم في الكفر من أنصار اليهودية أن يدعي أن موسى خاتم الرسل، وأنه عهد إليهم أن لا نبي بعده.
فدعوى هذا الضال أن المسيح خاتم الرسل، وأن شريعته خاتمة الشرائع لا نعلم به قائلا قبله من النصارى.
بل قد قال الإمام العلامة أبو عبد الله ابن القيم - وهو الإمام المحيط بأقاويل الناس-: " أهل الكتاب مجمعون على أن نبيا يخرج في آخر الزمان، ولا يشك علماؤهم أنه محمد بن عبد الله، وإنما يمنعهم من الدخول في الإسلام رياستهم على قومهم وخضوعهم لهم، وما ينالون منهم من المال والجاه ". انتهى.
وقول النصراني:" ولا يمكن أن يؤتي بمعنى يدل على أنه يليق - بعد إظهار شريعة المسيح التي هي في غاية الصلاح - أن يؤتى بغيرها " يعلم جوابه مما تقدم من بيان أفضلية شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - التي اقتضت حكمة الرب - تعالى - أن جعلها خاتمة الشرائع، ففضلها على غيرها، كما فضل من جاء بها على سائر الأنبياء، وفضل أمته على جميع الأمم.