للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما نبينا - صلى الله عليه وسلم - فكان في مظهر الكمال الجامع بين القوة والعدل والشدة في الله وبين اللين والرأفة والرحمة، فشريعته أكمل الشرائع، وأمته أكمل الأمم، وأحوالهم ومقاماتهم أكمل الأحوال والمقامات، ولذلك تأتي شريعته بالعدل إيجابا له وفرضا، وبالفضل ندبا إليه واستحبابا، وبالشدة في موضع الشدة وباللين في موضع اللين، ووضع السيف موضعه، ووضع الندى موضعه.

فيذكر الظلم فيحرمه، والعدل فيأمر به، والفضل فيندب إليه في بعض آيه. كقوله - تعالى -: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} .... فهذا عدل، ... {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} .... فهذا فضل، ... {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} فهذا تحريم الظلم.

وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} فهذا إيجاب للعدل، وتحريم للظلم،.... {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} فهذا ندب إلى الفضل.

وكذلك تحريم ما حرم على هذه الأمة كان صيانة وحماية لهم، حرم عليهم كل خبيث وضار، وأباح لهم كل طيب ونافع، فتحريمه عليهم رحمة، وعلى غيرهم لم يخل من عقوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>