وأما معجزة انشقاق القمر فهي - كما قال الخطابي - آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السموات خارجا عن جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر. انتهى.
وهذه المعجزة دل عليها القرآن، قال الله - تعالى -: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} والمراد وقوع انشقاقه. ويؤيده قوله - تعالى - بعد ذلك:{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} ، فإن ذلك ظاهر في أن المراد بقوله:(انشق) وقوع انشقاقه، لأن الكفار لا يقولون ذلك يوم القيامة، فدل على أن المراد بالآية وقوع انشقاقه في الدنيا، كما دل عليه صريح الأحاديث الآتية.
وقد أجمع المفسرون وأهل السنة على وقوعه لأجل نبينا - صلى الله عليه وسلم - فإن كفار قريش لما كذبوه، ولم يصدقوه أعطاه الله - تعالى - هذه الآية العظيمة المتضمنة لثلاث حكم:
الأولى: دلالتها على وحدانية الله - تعالى - وأنه المتفرد بالربوبية